علاج أورام الكبد بالأشعة التداخلية
إن تقنيات الأشعة التداخلية لديها دورًا كبيرًا في علاج الأورام الخبيثة في الكبد. يعد الكبد موقعًا شائعًا نسبيًا لتطور السرطانات الأولية والسرطانات الثانوية مثل سرطان القولون والمستقيم وغيرهما.
الكبد:
عادةً ما يزن الكبد لدى الشخص البالغ ما بين 1.4-1.6 كجم، وهو عضو ناعم، بني مائل للوردي، مثلث الشكل، وهو أكبر عضو داخلي وأكبر غدة في جسم الإنسان.
يقع الكبد في الربع العلوي الأيمن من تجويف البطن، ويستقر أسفل الحجاب الحاجز مباشرةً. يقع الكبد على يمين المعدة ويغطي المرارة. يتمتع الكبد بإمداد الدم المزدوج حيث يتم ترويته عبر الوريد البابي والشريان الكبدي.
أنواع أورام الكبد:
أورام الكبد الأولية:
أورام الكبد الأولية هي سرطانات الخلايا الكبدية. أشهر سبب مُرتبط بتطور سرطان الكبد هو تليف الكبد، حيث تؤثر أمراض الكبد طويلة الأمد على أنسجة الكبد، وعادةً ما يحدث التليف نتيجة عدوى التهاب الكبد B أو C واستخدام الستيرويد المنشطة وتعاطي المشروبات الكحولية .أورام الكبد الثانوية:
يعد الكبد موقعًا شائعًا للإصابة بالأورام الثانوية، وغالبًا ما يرجع ذلك إلى إمداد الدم المزدوج الذي يتمتع به ذلك العضو.أعراض سرطان الكبد:
غالبًا ما تكون الأعراض بسيطة مثل الحمى مجهولة السبب وفقدان الوزن مع الشعور بالضيق وتضخم البطن بسبب تضخم الكبد أو الاستسقاء (وجود سائل داخل تجويف البطن) أو كليهما. من حين لآخر، يمكن أن تكون أعراض سرطان الخلايا الكبدية حادة وتتضمن نزيفًا أو تمزقًا كبديًا.
تشخيص أورام الكبد:
يتم التشخيص عادةً باستخدام الموجات فوق الصوتية أو التصوير المقطعي المحوسب (CT) أو التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)، لتوفير معلومات حول عدد وحجم وخصائص الأورام في الكبد.
علاجات سرطان الكبد:
قيود العلاج الجراحي لسرطان الكبد:
يهدف الاستئصال الجراحي إلى إزالة الورم وأنسجة الكبد المحيطة مع الحفاظ على ما يكفي من الكبد المتبقي لأداء وظائف الجسم بشكل طبيعي، ولكن:
- من 10إلى 15٪ فقط من مرضى سرطان الكبد مناسبون للاستئصال الجراحي. إن تضائل هذه النسبة يرجع إلى انتشار المرض وتواجده في أماكن تجعل من الصعب استئصاله بواسطة الجراحة، أو حالة الكبد لا تسمح بإجراء هذه الجراحة الكبرى بسبب ضعف وظائفه.
- تحمل جراحة الكبد في مرضى التليف الكبدي معدلات وفيات عالية؛ لذا لا يمكن استئصال معظم أورام الكبد جراحيًا لأن تليف الكبد يعوق إجراء هذه الجراحة الكبرى.
- معدل تكرار المرض الإجمالي بعد الاستئصال هو حوالي 50-60٪.
العلاجات الغير جراحية لسرطان الكبد بالأشعة التداخلية:
تعتبر الأشعة التداخلية طفرة في علاج أورام الكبد كبديل للجراحة ودون أي فتحات جراحية، كذلك أوجدت الأشعة التداخلية حلولًا متعددةً للحالات التي لم تكن الجراحة مناسبة لهم والتي بلغت 90% من إجمالي مصابي أورام الكبد. وهذا ما نجح به الأستاذ الدكتور أسامة حتة أستاذ الأشعة التداخلية جامعة عين شمس، حيث استطاع أن يساعد الكثيرين من مرضى أورام الكبد، وذلك من خلال إحدى الطرق التالية:
الكي بموجات التردد الحراري:
هذه تقنية متطورة ويتم استخدامها في أورام الكبد الصغيرة، التي لا تتعدى 4 سم، المتواجدة في أماكن يسهل الوصول إليها وذلك للقضاء على الورم الكبدي دون إي فتحات جراحية، من خلال موجات التردد الحراري التي تؤدي إلى تسخين الخلايا ومن ثم تلف الأنسجة السرطانية على الفور.
يعتمد التردد الحراري على موت الأنسجة باستخدام تيار متناوب عالي التردد، حيث يتم توصيله من خلال قطب كهربي موضوع في مركز الورم. يبدأ موت الأنسجة عندما تقترب درجة الحرارة من 60 درجة مئوية، وغالبًا ما تؤدي علاجات التردد الحراري إلى درجات حرارة تقترب أو تتجاوز 100 درجة مئوية، مما يؤدي إلى موت الخلايا السرطانية. يتم الكي بموجات التردد الحراري من خلال خطوات بسيطة وهي:
- تنظيف الجلد وتعقيمه.
- إعطاء المريض المخدر الملائم.
- استخدام إبرة معزولة بقطب كهربائي في طرفها والتي تنقل تيارًا متناوبًا عالي التردد إلى أنسجة الورم.
الكي بموجات الميكروويف:
يُستخدم التصوير لتوجيه إبرة خاصة بموجات الميكروويف الكهرومغناطيسية التي يمكنها تسخين الورم وتدميره.
تتميز موجات الميكروويف بأنها أكثر شدة وأكثر عنفًا من موجات التردد الحراري؛ مما يسمح بعلاج الحالات التالية:
- الأورام الكبدية الأكبر حجمًا، التي تصل إلى 5 سم.
- الأورام الملاصقة للوعاء الدموي التي يصعب علاجها بالتردد الحراري نظرًا لحدوث انخفاض في الحرارة نتيجة مرور الدم داخل الوعاء الدموي؛ مما قد يتسبب في ارتداد الورم مرة أخرى.
الحقن الشرياني بالقسطرة:
الحقن الشرياني يالقسطرة هو الحل الأمثل لأورام الكبد التي تتعدى 5 سم في الحجم وكذلك في حالات الأورام المتعددة.
تُستخدم القسطرة الموجهة إلى الشريان الذي يغذي الورم مباشرةً.
ليتم حقن جزيئات ذكية مُحملة بالعلاج الكيميائي عن طريق القسطرة لتطلق المادة العلاجية في فترة 15 يوم، مما يسمح بحقن جرعات كبيرة. كما تعمل هذه الجزيئات على منع تدفق الدم إلى المنطقة. إن تحقيق تركيزات عالية من العلاج الكيميائي داخل الورم مع تقليل تدفق الدم إليه يضمن التخلص الكامل من الورم.
خطوات الإجراء:
- يتضمن الجزء الأول من الإجراء ثقب الشريان الرئيسي في الفخذ ليتم تمرير سلك توجيهي إلى الشريان الأورطي.
- يتم إدخال القسطرة عبر الشريان الكبدي، بينما يتم توفير الدم إلى أنسجة الكبد الطبيعية عن طريق الوريد البابي. يسمح إمداد الدم المزدوج الفريد للكبد بالعلاج عبر الشريان الكبدي دون المساس بإمداد الدم للكبد السليم.
- ثم يتم إجراء قسطرة انتقائية للشرايين التي تصل إلى الأورام الكبدية من خلال الاعتماد على الخريطة الشريانية.
- ثم يتم حقن الحبيبات الدوائية في إمدادات الدم الخاصة بالورم.
مميزات الحقن الشرياني بالقسطرة:
- تقديم تركيزات مرتفعة من العوامل المضادة للأورام داخل الورم.
- إطالة وقت التلامس بين عوامل العلاج الكيميائي والخلايا السرطانية.
- تقليل التأثيرات السامة للعلاجات الكيميائية لبقية الجسم.
أمان العلاج بالقسطرة الشريانية لحالات أورام الكبد يعتمد على:
- اختيار المريض الملائم الذي لديه وظائف الكبد المناسبة لإجراء هذا التدخل.
- مهارة الطبيب في أثناء إجراء القسطرة لحقن الشريان المراد فقط، وهذا ما يتمتع به أ.د أسامة حتة.
العلاج بحقن الجسيمات المُشعة:
إن الخلايا السرطانية حساسة للعلاج الإشعاعي ولكن الآثار الجانبية الناتجة عن العلاج الإشعاعي الخارجي تكون عالية جدًا بحيث لا يمكن تحملها؛ لذا حرص الأطباء على إيجاد طريقة لعرض الإشعاع داخليًا.
العلاج بحقن الجسيمات المُشعة هي عملية حقن ملايين من الجسيمات المُشعة لكل منها حوالي 35 ميكرون (ثلث قطر خصلة من الشعر) داخل الشرايين، والتي تبعث أشعة بيتا لتدمر الورم عن طريق تقليل تدفق الدم وإحداث تلف في الحمض النووي الخلوي لورم الكبد.
يتم حقن الجسيمات المُشعة عبر الشريان الفخذي إلى الشرايين الكبدية وفروعها، من خلال القسطرة الشريانية.
تتلقى أنسجة الكبد السليمة معظم إمدادها بالدم عبر الوريد البابي، بينما تحصل أورام الكبد على غالبية إمدادات الدم من الشريان الكبدي. لذلك تسمح قسطرة الشريان الكبدي بالاستهداف الانتقائي للمواد العلاجية للورم، وبذلك أصبح العلاج الإشعاعي الداخلي الحل الأمثل لمرضى الأورام المُتشعبة.
متابعة نتائج العلاج المتبع بالأشعة التداخلية:
يتم متابعة حالة المريض الصحية للتأكد من معدل انكماش الورم وذلك من خلال تحليل دلالات الأورام بعد شهر واحد من الإجراء للتأكد من فاعلية العلاج، ثم يتم المتابعة كل 3 أشهر لضمان استقرار الحالة.
في النهاية، نود أن ننوه أهمية الاكتشاف المبكر لأورام الكبد مع الأستاذ الدكتور أسامة حتة أستاذ الأشعة التداخلية جامعة عين شمس وأنه ضرورة وركيزة من ركائز العلاج بالأشعة التداخلية. كلما تم اكتشاف الورم في أحجام بسيطة كلما تنوعت طرق العلاج بالأشعة التداخلية.
لذا ينبغي على المرضى الذين يعانون من تليف الكبد وتم شفاءهم من فيروس C، أن يخضعوا إلى الموجات فوق الصوتية ودلالات الأورام بانتظام لأن تليف الكبد هو تربة خصبة لحدوث ورم بالكبد.